كلمة السيد رئيس المؤتمر
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ومنه نستمد الصبر والعزيمة واليقين.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
السيدات والسادة الحضور جميعاً كل باسمه وصفته ومقامه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله صباحكم جميعاً
يسعدني ويشرفني أن ألتقي بكم هذا الصباح مرحباً وشاكراً على حضوركم ومشاركتكم في فعاليات هذا المؤتمر الموسوم بعنوان "الإرث الحضاري لفزان واستشراف المستقبل" والذي تنظمه جامعة فزان ممثلة في كلية الآداب والعلوم وادي عتبة فأهلاً وسهلاً بكم في رحاب جامعة فزان وفي نطاق بلدية وادي عتبة بين أهلكم وذويكم من منتسبي جامعة فزان ومن أبناء هذه المنطقة التي تقع في أقصى الجنوب الغربي.
كما لا يفوتني أن أرحب ترحيباً خاصاً بالسيدات والسادة الضيوف الذين أتوا من مناطق بعيدة من مختلف الجامعات والمراكز البحثية من داخل ليبيا وخارجها والذين تحملوا مصاعب ومشاق السفر من أجل المشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر، وكذلك الذين حالت ظروفهم دون الحضور الشخصي فأبوا إلا ان يشاركونا هذا الحدث عن طريق وسائل التواصل الإلكترونية وعلى رأسهم الكاتب والأديب العالمي الأستاذ إبراهيم الكوني فأهلاً وسهلاً بكم مرة أخرى متمنياً لكم إقامة طيبة واستفادة قصوى من حضور هذا المؤتمر.
السيدات والسادة الحضور الكريم
ان الإرث الحضاري لأي شعب هو بصمته التاريخية التي تثبت أصالتهٌ وعراقتهُ ومدى مساهمته في بناء الحضارة الإنسانية، وبذلك فإن الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة هي مسؤولية المجتمع بكل مؤسساته السياسية والأكاديمية والاجتماعية والدينية، فالمجتمع الذي يُهمل موروثه الحضاري ويجعله عرضة للتزوير والاندثار هو مجتمع بلا شك يبتعد كل يوم عن أصالته ويفقد يوماً بعد يوم هويته الوطنية.
ان هذا المؤتمر المتميز الذي يجمعنا اليوم حول الإرث الحضاري لفزان يمثل مناسبة هامة لاستكشاف أصالة وعراقة موروثنا الحضاري المشترك، خاصة في منطقة فزان التي تزخر بموروثها الحضاري والثقافي العريق والذي لم ينل نصيبه الوافر من الدراسة والبحث والاستكشاف.
ان فزان لم تكن مجرد "رقعةٌ" أو "إقليمٌ" جغرافي على خريطة هذا الوطن، بل هي قلب نابض بالإرث الحضاري والثقافي والتنوع الإنساني الذي يشكل جزءًا مهماً من ثقافتنا وهويتنا الوطنية الليبية، حيث مثلث فزان مركزاً حضارياً نشطاً ومعبراً هاماً للتبادل الثقافي والتجاري عبر العصور، يشهد تاريخها المتنوع على تنوع الشعوب والحضارات التي مرت بها وعلى دورها الكبير في إثراء الحضارة الإنسانية، لقد كانت فزان على مر العصور ملتقى للثقافات والحضارات عبرت من خلالها القوافل التي لم تكن تحمل فقط السلع التجارية بل حملت أيضاً المعرفة والعلوم والعادات والتقاليد والرسالات السماوية، ويشهد على ذلك اثارها الباقية في جبالها الشامخة ووديانها وواحاتها الجميلة وقراها ومدنها العريقة، وبذلك تشكل فزان سجلاً حياً ومتحفاً طبيعياً للتاريخ والحضارات والتفاعل الإنساني حيث أسهمت في تطوير العلوم والفنون وأثرت بشكل فاعل في المجتمعات الإنسانية المجاورة.
السيدات والسادة الحضور...
إن الحفاظ على موروثنا الحضاري مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً فوطننا اليوم وبسبب التحديات والأحداث الجارية يعاني من فقدان العديد من المواقع الأثرية والمخطوطات التاريخية، وبذلك تزداد الحاجة لإيجاد حلول ناجحة للحفاظ على تراثنا ونقله بأمانة إلى الأجيال القادمة، فالحفاظ على هذا الإرث لا يعني فقط الحفاظ على الأحجار والصخور والمعالم الأثرية بل الحفاظ على كينونة تلك الحضارات التي قدمت الكثير للعالم ماضياً وحاضراً وأسهمت في تشكيل هويتنا الوطنية.
ومن هنا فإن هذا المؤتمر يأتي ليكون حلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، حيث نلتقي جميعاً لنستعرض ما تحمله فزان بين طياتها من موروث حضاري أصيل ونستكشف جزءاً من ماضي عريق يمتد لآلاف السنين، ونتساءلُ سوياً عن كيفية المحافظة على هذا الإرث الإنساني العالمي وتوظيفه التوظيف الأمثل لتطوير البلاد نحو مستقبل أفضل يتسم بالتقدم والازدهار، وإنني واثق بأنكم ستقدمون من خلال أوراقكم البحثية ومناقشاتكم ومداخلاتكم رؤيً جديدة وأفكاراً نيرة تسهم في إحياء هذا الموروث ومشاركته على نطاقٍ أوسع وإيصالهُ إلى كل من يقدر ويثمن ما به من قيمٍ إنسانيةٍ نبيلة.
أخيراً...أغتنم هذه الفرصة لتقديم جزيل الشكر لجميع الجهات الداعمة لهذا المؤتمر، وكذلك للسادة أعضاء اللجنة العلمية واللجنة التحضيرية واللجنة الإعلامية والخدمية ومفوضية الكشاف والمرشدات وجمعية الهلال الأحمر الليبي ومنتزه الكرم السياحي على ما بذلوه من جهود مضنية لضمان نجاح هذا الحدث، الشكر والامتنان أيضاً للسيدات والسادة المشاركين من الجامعات والمراكز البحثية الليبية والتونسية والجزائرية والمغربية وغيرها الذين شاركوا بأوراقهم البحثية القيمة والتي ستكون حجر الأساس ونقطة انطلاق نحو المزيد من التعاون المتميز بين مؤسساتنا وبين الجهات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية لتحقيق أهدافنا في حفظ وتوثيق هذا الموروث الحضاري الإنساني.
ختاماً الشكر والتقدير والامتنان لكم جميعاً أيها الجمع الكريم على حضوركم ومشاركتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ا.د. المهدي ميلاد الجدي
رئيس اللجنة العليا رئيس المؤتمر
منشور: 2025-05-08